على هامش الأحداث المؤسفة التي تشهدها مصر حاليا، دخل الجميع في حرب جديدة، هي حرب "الفيديوهات"، كل يقلب في "يوتيوب" على أية مشاهد تؤيد وجهة نظره لبثها، والتحجج بها، دون أن يعطي أي منا الفرصة لنفسه لرؤية المشهد بأكمله، بل راح كل فريق يحاول التشكيك في صور الفريق الآخر، واتهامه بفبركتها من أجل الإساءة والتضليل، وهو ما أوقع الكثيرون في مزيد من عدم المصداقية، لما ثبت صحة ما كانوا يرمونه بالفبركة والتركيب.
هذا الوضع يؤكد حالة التربص التي صار عليها الشارع المصري، وكل من فيه ـ بلا استثناء ـ يحاول بشتى الطرق، حتى إن كانت غير مشروعة، أن يؤكد على أنه الأوحد الذي يفهم ويعلم ولديه القدرة على قراءة وتحليل الأحداث، وعلى غيره أن يستمع إليه منصتا ومسلما بكل ما يقول، حتى ولو أدى الأمر إلى الإساءة إلى أناس أطهار عادوا إلى بارئهم ضحية لهذه الأحداث، وما رافقها من ممارسات لا يوافق عليها أي إنسان لديه الحد الأدنى من ضمير حي، سواء كان القمع الذي وجه به المتظاهرون والمعتصمون، أو الذين تآمروا على مقدرات مصر وتاريخها بالخراب والحرائق.
هذا الوضع يؤكد أنه لا يوجد على الساحة من يضع الوطن ومصلحته نصب عينيه، بل يسعى لأن يقتنص منه ما يصب في مصلحته الشخصية، وللأسف كل الأسف، أن هناك الملايين الذين تاهوا وسط هذه الحرب "الغبية"، ولم يعودوا يعرفون أي الحقيقة، لأن أحدا لم يرد أن يضع أمامهم كل جوانبها، ربما لأن الحقيقة تؤكد أن الجميع مدان بتغليب هوى النفس، حتى وسائل الإعلام التي كان من المفترض أن تتحكم فيها المهنية والمصداقية والموضوعية، انزلقت هي الأخرى إلى حرب انتقاء " الفيديوهات" من أجل نصرة طرف على آخر، أو للانقضاض على فريق لم يرق لها على ما يبدو منذ انطلاق ثورة 25 يناير التي تتعرض حاليا للاغتيال، وتحتاج إلى معجزة أخرى من أجل بلوغ أهدافها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العي العظيم.